المقدمة
في مقالنا هذا سوف نتحدث عن أعظم فتنة منذ خلق الله ( سبحانه و تعالى ) نبينا ادم ( عليه السلام ) حتى قيام الساعة ، ألا و هي فتنة الأعور الدجال ، و قد إعتمدنا في مقالنا هذا على مصادر موثوقة و أحاديث صحيحة لا تقبل الشك ، و حاولنا قدر الإمكان إيصال الفكرة للقارئ الكريم من خلال ترتيب الاحداث و تقسيم المقال بشكل مفهوم و واضح و مبسط .
كذلك يمكنك من الأعلى الضغط على زر ( محتويات المقال ) لتستطيع الانتقال الى ما تود قراءته .
يتركز مقالنا على شخصية الأعور الدجال الذي سيكون ظهوره عندما يعم الأرض الفساد التام و تكثر الحروب و المجاعات و الفتن و تجف الأنهار و البحيرات و تزداد الازمات ، عندها فقط يجد هذا الكائن الشيطاني الوقت المناسب لخروجه من غضبة يغضبها ، و لك أن تتخيل أنه على مدى الاف السنين حذر منه جميع الأنبياء ، لماذا ؟
لأنه أعظم فتنة تسوق الناس الى الكفر بالله عز و جل ، و عبادة رجل أعور كل ما يملكه هو الدجل و الدعوة الى شهوات الدنيا و تظليل الناس بالشبهات ، و مواجهة كل من يقف في وجهه .
و لكن المؤمنين بالله تعالى الذين لم يتأثر ايمانهم بفتن الدنيا و مصائبها ، لن يغويهم أعوراً دجالاً عن عبادة الله تعالى و التمسك ب ( لا اله الا الله ) ، و لقد إرتأينا أن نتحدث في هذا الأمر المهم و ذلك ليكون القارئ الكريم على اطلاع تام بهذا الحدث الكبير ، و أن لا يكون من الغافلين ، و ليتوارثه أجيال بعد أجيال .
ندعوا من الله أن يوفقنا و اياكم و يهدينا الى طريق الحق ، و الى الصراط المستقيم ، و أن يجنبنا الفتن ، ما ظهر منها و ما بطن ، إنه على كل شيء قدير .
من هو الأعور الدجال ؟
الأعور الدجال أو المسيح الدجال ، هذا الانسان الذي حذر منه جميع الأنبياء صلوات الله و سلامه عليهم ، هذا الانسان الذي يعتبر أكبر فتنة في تاريخ البشرية ، و أول علامات الساعة الكبرى .
حذرنا منه نبينا محمد ( صلى الله عليه و سلم ) قبل أكثر من 1400 عام ، و ذلك من شر فتنته ، و عظم أمره ، و لك أن تتخيل أنه واحد من عشر علامات كبرى لقرب النهاية و قيام الساعة ، حيث أن كل ما تراه اليوم سينتهي عاجلاً أم اجلاً .
قال تعالى :
(( إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا * وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا ))
و قال تعالى : (( هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ))
و الهدف من ذكر الأعور الدجال و غيره من علامات الساعة الكبرى ، حتى لا يغفل عنها الناس ، و يستعد من كان حياً منهم لهذه الأيام ، و نسأل الله أن يجنبنا الفتن .
و انت عزيزي القارئ عندما بدأت بقراءة هذا المقال ، فإنك بذلك تود أن تكون على دراية كاملة بحجم شرهذا المخلوق ، و أن تكون على علم بكل ما يخص هذه الفتنة العظيمة .
الأعور الدجال ليس شيئاً من الخيال ، بل هو انسان يخرجه الله تعالى ليفتن به الناس ، حاله حال باقي الفتن التي تأتي لتميز الخبيث من الطيب و المؤمن من الكافر .
قال تعالى : (( أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ))
و الأعور الدجال احدى هذه الفتن بل هو أكبرها .
اذاً من هو الأعور الدجال ؟
وللاجابة عن هذا السؤال ، نذكر لكم بعض صفاته التي حدثنا بها نبينا محمد ( صلى الله عليه و سلم ) عسى أن تكون ذكرى للذاكرين ، و لا يشتبه عليه أحد منا ، فقد أعطانا عليه افضل الصلاة و السلام وصفاً دقيقاً و كافياً لهذا الدجال .
صفات الأعور الدجال :
1- هو شاب من بني ادم .
2- قصير .
3- أفحج ( تباعد ما بين الساقين أو الفخذين ) .
4- جعد الرأس ( ملتف الشعر ) ذو شعر جعد أي كثيف .
5- أجلى الجبهة ( عريض الجبهة لانحسار الشعر عن مقدمة رأسه ) .
6- عريض النحر فِيهِ دَفَأٌ ( عريض الرقبة و فيها انحناء ) .
7- ممسوح العين اليمنى ، وهذه العين ليست بناتئة ، منتفخة وبارزة ، ولا جحراء ، غائرة ، كأنها عنبة طافئة حيث أن كلتا عينيه معيبة فاليمنى عوراء كأنها عنبة طافية ، واليسرى عليها جلدة ، أي أنه أعور العينين ، اليمنى ممسوحة طافئة لا شعاع فيها و اليسرى ناتئة طافية جاحظة متدلية على وجنته .
8- ممسوخ الخلقة .
9- شيطاني النشأة و النزعة ، شيطاني الشكل و الصورة ، تحيط به الشياطين ، و يتبعه سبعون الفاً من اليهود عليهم الطيالسة ( الطرحة أو الغترة ) .
10- سمي بالاعور الدجال ، و الدجال هو المموه الكذاب ، وهو على وزن فعال ، أي يكثر منه الكذب والتلبيس و كثير الدجل ، و الدجال هو من يغطي الحق بالباطل ، و يغطي على الناس كفره بكذبه وتمويهه وتلبيسه عليهم .
11- رأسه كأنه أصلة والأصلة نوع من الحيات عظيم الرأس قصير الجسم ، فشبه رسول الله رأس الدجال بها .
12- عظيم الجسم .
13- عظيم الرأس .
14- أبيض البشرة .
15- مكتوب بين عينيه كافر .
اذا رأيت الأعور الدجال قادماً من بعيد ، رأيت رجلاً قصيراً ضخم الجثة جداً ، عظيم الرأس ، شديد جعودة الشعر ، كأن شعره أغصان شجرة ، متباعد القدمين .
و السؤال هنا قبل أن تستمر بقراءة باقي المقال ، لماذا نحذر من ظهور الدجال ؟ و لماذا نذكر الدجال ليل نهار و نستعيذ منه حتى في صلاتنا ؟
اقرأ قول الرسول الله عليه و سلم الذي ما ينطق عن الهوى ، حيث قال:
(( مَا بَيْنَ خَلْقِ آدَمَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ أمر أَكْبَرُ مِنْ الدَّجَّالِ ))
الان و بعد قرائتك لهذا الحديث المهم ، سيكون لديك الرغبة في معرفة أعظم فتنة منذ خلق الله ادم حتى قيام الساعة .
قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : (( إنه أعور ، وإن ربكم ليس بأعور ))
و قال : (( لأنا أعلم بما مع الدجال من الدجال إن معه ناراً تحرق ، ونهر ماء بارد ، فمن أدركه منكم فلا يهلكن به فليغمضن عينيه ، وليقع في الذي يرى أنه نار فإنه نهر ماء بارد )) .
هذه هي أهم صفات الأعور الدجال ، و هو وصف كاف و شاف تستطيع من خلاله التعرف عليه و لا يشتبه عليك ، و أهم ما ذكر من الوصف هو أنه مكتوب بين عينيه ( كافر ) يقرأها كل مؤمن قارئ و غير قارئ ، و لا أظنه يخفى بعد ذلك على أحد .
أين هو مكان الأعور الدجال ؟
الأعور الدجال حي الان و لكنه محبوس الى أجل مسمى في دير بجزيرة ، لكن هل يستطيع أحد الذهاب الى هذه الجزيرة و رؤية الدجال ؟
أو هل يستطيع أحد الوصول اليه و فك قيوده ؟
لا بالتأكيد ، كما أنه لا يستطيع أحد إيجاد مكان يأجوج و مأجوج ، أو غيرها من العلامات ، فكل هذه الأمور من الغيبيات التي لا يعلمها الا الله سبحانه و تعالى ، لماذا ؟
لأنها من الاختبارات العظيمة حتى يميز الله بها المؤمنين من غيرهم ، فإن كنت مؤمناً فإنك ستصدق كل ما تحدث به الرسول ( صلى الله عليه و سلم ) ، و إن كنت غير ذلك ، فندعوا الله أن يهديك الى الايمان .
الأعور الدجال حقيقة علينا تصديقها و انه خارج لا محالة ، شئنا أم أبينا ، و لكن ندعوا الله أن يجنبنا فتنته و جميع فتن الزمان .
يبين لنا الحديث التالي مكان وجود الأعور الدجال ، و كيف هو وضعه ، و أين محبوس ، و بعض من صفاته التي رواها الصحابي تميم الداري الذي كان نصرانياً و اسلم .
روى الإمام مسلم في صحيحه في كتاب الفتن وأشراط الساعة :
(( نادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : الصلاة جامعة ، فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاته ، جلس على المنبر وهو يضحك.
فقال " ليلزم كل إنسان مصلاه" ، ثم قال "أتدرون لما جمعتكم؟"
قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال " إني والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة ، ولكن جمعتكم لأن تميماً الداري ، كان رجلا نصرانياً ، فجاء فبايع وأسلم ، وحدثني حديثاً وافق الذي كنت أحدثكم عن مسيح الدجال .
حدثني ، أنه ركب في سفينة بحرية ، مع ثلاثين رجلاً من لخم وجذام ( قبائل عربية ) ، فلعب بهم الموج شهراً في البحر .
ثم أرفؤا إلى جزيرة في البحر حتى مغرب الشمس ، فجلسوا في أقرب السفينة .
فدخلوا الجزيرة ، فلقيتهم دابة أهلب كثير الشعر ، لا يدرون ما قبله من دبره ، من كثرة الشعر، فقالوا: ويلك ! ما أنت ؟
فقالت: أنا الجساسة !
قالوا: وما الجساسة ؟
قالت: أيها القوم ! انطلقوا إلى هذا الرجل في الدير ، فإنه إلى خبركم بالأشواق .
قال: لما سمت لنا رجلا فرقنا منها أن تكون شيطانة ، قال فانطلقنا سراعاً. حتى دخلنا الدير ، فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط خلقاً ، وأشده وثاقاً ، مجموعة يداه إلى عنقه ، ما بين ركبتيه إلى كعبيه ، بالحديد.
قلنا: ويلك! ما أنت؟
قال: قد قدرتم على خبري ، فأخبروني ما أنتم ؟
قالوا: نحن أناس من العرب ، ركبنا في سفينة بحرية ، فصادفنا البحر حين اغتلم ، فلعب بنا الموج شهراً ، ثم أرفأنا إلى جزيرتك هذه ، فجلسنا في أقربها ، فدخلنا الجزيرة ، فلقيتنا دابة أهلب كثير الشعر ، لا يدري ما قبله من دبره من كثرة الشعر.
فقلنا : ويلك! ما أنت؟
فقالت: أنا الجساسة ، قلنا وما الجساسة ؟
قالت: اعمدوا إلى هذا الرجل في الدير، فإنه إلى خبركم بالأشواق ، فأقبلنا إليك سراعاً ، وفزعنا منها ، ولم نأمن أن تكون شيطانة .
فقال : أخبروني عن نخل بيسان.
قلنا: عن أي شأنها تستخبر؟
قال: أسألكم عن نخلها ، هل يثمر؟
قلنا له: نعم.
قال: أما إنه يوشك أن لا تثمر.
قال: أخبروني عن بحيرة الطبرية .
قلنا : عن أي شأنها تستخبر؟
قال: هل فيها ماء ؟
قالوا: هي كثيرة الماء.
قال: أما إن ماءها يوشك أن يذهب.
قال: أخبروني عن عين زغر .
قالوا: عن أي شأنها تستخبر؟
قال: هل في العين ماء؟
وهل يزرع أهلها بماء العين؟
قلنا له: نعم ، هي كثيرة الماء ، وأهلها يزرعون من مائها.
قال: أخبروني عن نبي الأميين ما فعل ؟
قالوا: قد خرج من مكة ، ونزل يثرب.
قال: أقاتله العرب؟
قلنا: نعم .
قال: كيف صنع بهم؟
فأخبرناه أنه قد ظهر على من يليه من العرب وأطاعوه.
قال لهم : قد كان ذلك ؟
قلنا: نعم .
قال: أما إن ذلك خير لهم أن يطيعوه ، وإني مخبركم عني ، إني أنا المسيح ، وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج ، فأخرج فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة ، غير مكة وطيبة ، فهما محرمتان علي ، كلتاهما ، كلما أردت أن أدخل واحدة أو واحداً منهما ، استقبلني ملك بيده السيف صلتا ، يصدني عنها ، وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسونها.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وطعن بمخصرته في المنبر
" هذه طيبة. هذه طيبة. هذه طيبة " يعني المدينة .
" ألا هل كنت حدثتكم ذلك ؟ " فقال الناس : نعم
" فإنه أعجبني حديث تميم أنه وافق الذي كنت أحدثكم عنه وعن المدينة ومكة ، ألا إنه في بحر الشام أو بحر اليمن ، لا بل من قبل المشرق ، ما هو من قبل المشرق ، ما هو من قبل المشرق ، ما هو وأومأ بيده إلى المشرق " )) .
ومن هذا الحديث يتبين لنا أن الأعور الدجال محبوس في جزيرة لا يعلمها الا الله ، و كانت حادثة تميماً الداري و من معه ليزداد ايمان الناس بما يحدثهم به رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) في ما يخص الأعور الدجال ، و تصديقاً لما يوحى اليه .
إن الأعور الدجال سأل تميماً الداري و أصحابه أربعة أسئلة و تتمحور الأسئلة عن بعثة النبي محمد ( صلى الله عليه و سلم ) ، و عن بحيرة طبريا ، و عين زغر ، و نخل بيسان :
• بحيرة طبريا
هي بحيرة عذبة المياه تقع بين منطقة الجليل في شمال فلسطين وهضبة الجولان ، على الجزء الشمالي من مسار نهر الأردن ، يبلغ طول سواحلها 53 كم وطولها 21 كم وعرضها 13 كم ، وتبلغ مساحتها 166 كم2 ، أقصى عمق فيها يصل إلى 46 متر .
• عين زغر
زُغَر هو اسم لنبع ماءٍ قديم يقع جنوب بحيرة طبريا في غور الأردن، قريباً من مدينة أريحا ، ويطلق عليها اليوم عين السلطان وقد دلت الحفريات على أنّها تقع بجانب تل السلطان الأثري الذي يعتبر أقدم مستوطنة بشرية في العالم
• نخل بيسان
يعتبر نخل بيسان من أبرز المواقع الأثرية التاريخية المهمة الواقعة في شمال فلسطين ، كما إنه يتميز في طبيعته الخلابة وجمال مناظره الطبيعية التي تحتوي على أشجار النخيل إلى جانب ينابيع الماء والآبار العميقة التي توجد في المكان ، وهو مكان سياحي مهم للمسلمين ، والذي يستمتع في مناظره الخلابة الزائرين .
و جميع هذه الأماكن تقع في بلاد الشام بالقرب من فلسطين ، و تقودنا أسئلة الأعور الدجال عن هذه الأماكن لعلاقته المباشرة بها أو أنه ينتظر علاماتها ، فعند سؤاله عن بحيرة طبريا هل فيها ماء أو عين زغر أو عن نخل بيسان هل يثمر ؟
فكل هذه علامات ينتظرها الأعور الدجال تحدث ليخرج على الناس ، لكن هل لا زال هنالك ماء في بحيرة طبريا أو عين زغر ؟ أو هل لا زال نخل بيسان يثمر ؟
أما عن سؤاله عن النبي محمد ( صلى الله عليه و سلم ) حيث قال :
"أخبروني عن نبي الأميين ما فعل ؟"
فالاعور الدجال في هذا السؤال كان يعلم ببعثة النبي محمد ( صلى الله عليه وسلم ) في ذلك الزمان .
و ينتظر باقي العلامات التي تسبق خروجه ، و إن حديث الجساسة حديث صحيح ، و فيه بلاغة الكلام النبوي ، و كانت هذه الحادثة التي حدثت لتميم الداري و أصحابه في زمن النبي محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ، لإزالة بعض الشك عن قلوب الناس في مصداقية أحاديث النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بخصوص الأعور الدجال ، و كأن الله اراد لتميم الداري الذي أراه مكان الأعور الدجال هو و أصحابه ليكونوا شهوداً على هذا الامر .
من اين يخرج الأعور الدجال ؟
أما مكان خروجه فقد جاءت الأحاديث بأنه يخرج من جهة المشرق من خراسان من يهودية أصبهان فعن أبي بكر الصديق ( رضي الله عنه ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : (( الدجال يخرج من أرض بالمشرق ، يقال لها : خراسان )) .
و أصبهان أو أصفهان حالياً ، هي إحدى مدن ايران على بعد 340 كم جنوب طهران .
قديما كانت مدينة أصفهان بالموضع المعروف ب ( جىّ ) ، وهو الأن يعرف بشهرستان و عندما سار بختنصر وأخذ بيت المقدس وسبى أهلها حمل معه يهودها وأنزلهم أصبهان ، فبنوا لهم في طرف مدينة ( جى ) محلة ونزلوها وسميت ( اليهودية ) ، فمدينة أصبهان اليوم هي ما كان يسمى ( اليهودية ) .
يبلغ عدد سكان أصفهان حالياً حوالي 3,100,000 ثلاثة ملايين ومائة ألف نسمة ، تقع على نهر زاينده والذي يسمى في إيران ( زاينده رود ) و ( رود ) كلمة فارسية تعني ( نهر ) ، تعني اصفهان نصف العالم ، نظراً لاحتوائها على الكم الهائل من التراث والأسواق التراثية الكبرى .
الان و بعد ان علمت عن مكان حبس الأعور الدجال ، و مكان خروجه ، سيتبادر في ذهنك عدة أسئلة و هو : (( كيف سيخرج الدجال ؟ و كيف سيتوجه الى خراسان ليبدأ رحلته في اضلال الناس ؟ و كيف سيبدأ في اظهار الفتن ؟ ... كل تلك الأسئلة هي من الغيبيات ، و ان النبي محمد ( عليه و على اله افضل الصلاة و السلام ) أخبرنا بما يجب أن نعلمه ، لكي نتقي فتنة الأعور الدجال ان ظهرت و العياذ بالله في زماننا أو من يلينا .
ما قبل خروج الأعور الدجال
هنالك بعض الأمور التي ستحدث ما قبل خروج الأعور الدجال ، فهذا المخلوق الشيطاني يحتاج الى بيئة ملائمة للخروج و اضلال الناس ، و البيئة الملائمة لهذا المخلوق هي انتشار الفساد و الظلم و القتل و الزنا و غيرها من الاثام التي تنتشر بين الناس ، بالإضافة الى الحروب و المجاعة و جفاف البحيرات و الأنهار و الأوبئة ليتخذ نفسه منقذاً للبشرية و ادعاء الالوهية وذلك باغرائهم بالكنوز و الأمطار و احياء موتاهم واستغلال شهواتهم ، وهذا الأعور الدجال بالرغم من شكله المشوه و منظره القبيح و ضعف قوته ، الا أن الله ( سبحانه و تعالى ) أعطاه العديد من الخوارق التي يفتن بها الناس ، لأن الايمان بالله يحتاج الى اختبار حقيقي ، و دخول الجنة التي وعد الله بها عباده الصالحين تتطلب اختباراً حقيقياً ، تميز الصالح من الطالح ، و المنافق من الصادق ، و المؤمن من الكافر ، و ان ظهور الاعور الدجال هو أكبر اختبار في تاريخ البشرية يسبق خروج الشمس من مغربها حيث تنتهي في تلك اللحظة التوبة كما قال تعالى :
(( يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ))
و سيستغل هذا الدجال اللعين ضعف ايمان الناس ، باستخدام أساليب الدجل العظيمة لاضلالهم عن طريق الحق .
و يسبق خروج الأعور الدجال عدة علامات في اخر الزمان منها ما ذكرناه من ظهور المهدي و كذلك وقوع الملحمة الكبرى و العلامات الثلاثة التي ذكرت في حديث الجساسة و فتح القسطنطينية .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عمران بيت المقدس خراب يثرب ، وخراب يثرب خروج الملحمة ، وخروج الملحمة فتح قسطنطينية ، وفتح القسطنطينية خروج الدجال .
الأيام الأولى لخروج الأعور الدجال
يبدأ الأعور الدجال أيامه الأولى و ذلك بعد خروج المهدي ( عليه السلام ) و خوضه لعدة حروب ، ليملئ الله به الأرض عدلاً كما ملئت جورا ، و يسقي الله الناس الغيث ، وتخرج الأرض نباتها ، ويُعطى المال صحاحاً ، وتكثر الماشية ، وتعظم الأمة ، و يسبق ذلك سنوات شداد ، يصيب الناس فيها جوع شديد ، و ينحبس فيها المطر ، قال رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) :
(( إن قبل خروج الدجال ثلاث سنوات شداد ، يصيب الناس فيها جوع شديد ، يأمر الله السماء في السنة الأولى أن تحبس ثلث مطرها ، ويأمر الأرض أن تحبس ثلث نباتها ، ثم يأمر السماء في السنة الثانية فتحبس ثلثي مطرها ، ويأمر الأرض فتحبس ثلثي نباتها ، ثم يأمر السماء في السنة الثالثة فتحبس مطرها كله ، فلا تقطر قطرة ، ويأمر الأرض فتحبس نباتها كله ، فلا تنبت خضراء ، فلا يبقى ذات ظل إلا هلكت ؛ إلا ما شاء الله ، قيل : فما يعيش الناس في ذلك الزمان ؟ قال : التهليل والتكبير، والتحميد ، ويجزئ ذلك عليهم مجزأة الطعام ))
اذاً فالاعور الدجال و كما تحدثنا يخرج في ظل انتشار الجفاف و الفقر و انتشار الفساد ، و في الأيام الأولى لخروج الأعور الدجال يبدأ بإغواء الناس بالشبهات و الشهوات مقابل اعترافهم بالوهيته ، فترى الجموع الظالة تسير خلف هذا الأعور اللعين و معهم 70 الفاً من اليهود عليهم الطيالسة ( الغترة ) ، و بعد فتح المسلمين مدينة الروم المسماة بقسطنطينية ، فتكون بداية ظهوره من أصبهان ليتبعه بعدها سبعون ألف يهودي لأنهم يعتبرونه الانسان المخلص لهم ، و عليهم الأسلحة والسيجان ، وهي الطيالسة الخضر ، فيدعي بعدها الأعور الدجال الربوبية ، فيتبعه على ذلك الجهلة من الناس ، والطغاة من الرعاع والعوام ، ويخالفه ويرد عليه من هداه الله من عباده الصالحين ، وحزب الله المتقين ، ويتدنى فيأخذ البلاد بلداً بلداً ، وحصناً حصناً ، وإقليماً إقليماً ، و تسير خلفه الجيوش الظالة ولا يبقى بلد من البلاد إلا وطئه بخيله ورجله ، حيث يسيح في الأرض سيحاً ، في أربعين يوماً .
ذكر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الدَّجَّالَ فقال : (( إن يخرُجْ وأنا فيكم ، فأنا حجيجُه دونكم ، وإن يخرُجْ ولست فيكم ، فامرؤٌ حجيجُ نفسِه ، واللهُ خليفتي على كلِّ مسلمٍ ، فمن أدركه منكم فليقرَأْ عليه فواتحَ سورةِ الكهفِ ، فإنَّها جِوارُكم من فتنتِه .
قلنا : وما لُبثُه في الأرضِ ؟ قال : أربعون يومًا : يومٌ كسنةٍ ويومٌ كشهرٍ ، ويومٌ كجمعةٍ ، وسائرُ أيَّامِه كأيَّامِكم فقلنا : يا رسولَ اللهِ : هذا اليومُ الَّذي كسَنةٍ أتكفينا فيه صلاةُ يومٍ وليلةٍ ؟ قال : لا ، اقدُروا له قدرَه ))
فاليوم الأول كسنة في الطول ولكنه يوم واحد من حيث خصائص اليوم والليلة ، فتطلع فيه الشمس مرة وتزول وتغرب .
حيث يكون اليوم الأول من شدة الفتنة و كانه بطول السنة و اليوم الثاني بطول الشهر و اليوم الثالث بطول الأسبوع ، و هذا امر طبيعي عندما تحل أي فتنة أو مصيبة يطول الوقت و يطول معه الزمن و ذلك لتمني الخلاص .
و بينما تجري الحروب بين جيش المسلمين بقيادة المهدي من جهة و بين الروم من جهة أخرى ، يستمر الأعور الدجال في السير من بلاد الى أخرى لاغواء الناس و اضلالهم ، حتى يصل الى اعتاب المدينة المنورة و مكة المكرمة .
ماذا يحدث في مكة المكرمة و المدينة المنورة ؟
يوم الخلاص ، إنه اليوم الذي يصل فيه الأعور الدجال على اعتاب مكة المكرمة و البيت الحرام ، بعد أن تمكن من السيطرة على أراض واسعة من العالم ، فيلجأ من تبقى من الناس الى مكة المكرمة و المدينة المنورة سعياً منهم للخلاص من فتنة الأعور الدجال و هنالك فقط تحرس الملائكة مكة و المدينة و تمنع دخول هذا اللعين و من معه من الضالين لانهما محرمتان عليه .
و اثناء هذا المشهد المرعب و الكبير يحدث الحدث العظيم عندما ترجف المدينة و مكة ثلاث رجفات ، فيشيع بين الناس أن الأعور الدجال قد دخل الى المدينة فيهرع المنافقون الى الهرب خارج اسوارهما و بذلك يتعرضون الى الفتنة ، انما المؤمنون الحق فيعلمون أن الأعور الدجال و من معه لا يستطيعون تدنيس هذه الأماكن المقدسة التي حرمها الله عليه ، فهذا هو يوم الخلاص ، قال عليه الصلاة و السلام :
(( يوم الخلاص وما يوم الخلاص ؟ " ثلاث مرات ، فقيل : يا رسول الله ما يوم الخلاص ؟ فقال : " يجيء الدجال فيصعد أحداً فيطلع فينظر إلى المدينة ، فيقول لأصحابه ألا ترون إلى هذا القصر الأبيض ، هذا مسجد أحمد ، ثم يأتي المدينة فيجد بكل نقب من نقابها ملكا مصلتا ، فيأتي سبحة الجرف فيضرب رواقه ثم ترتجف المدينة ثلاث رجفات ، فلا يبقى منافق ولا منافقة ، ولا فاسق ولا فاسقة إلا خرج إليه ، فتخلص المدينة وذلك يوم الخلاص ))
إن مدة مقام الأعور الدجال في الأرض كما ذكرنا أربعون يوماً ، وقد خلق الله على يديه خوارق كثيرة ، يضل بها من يشاء من خلقه ، ويثبت معها المؤمنون ، فيزدادون بها إيماناً مع إيمانهم ، وهدى إلى هداهم .
الدجال لا يدخل مكة والمدينة وذلك صيانة لهما وتعظيماً لحرمتهماً ، ودلالة على صحة دين المسلمين ، وإظهاراً لعجز الدجال وإبطالا لكفره ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( على أنقاب المدينة - مداخلها - ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال )).
وفي حديث فاطمة بنت قيس عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عن تميم الداري - رضي الله عنه – أن الدجال قال له: ( فأخرج فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة غير مكة وطيبة فهما محرّمتان علي كلتاهما ) رواه مسلم .
ولا يقتصر الأمر على منع دخول الدجال فحسب بل لا يدخلها حتى رعبه ، فعن أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يدخل المدينة رعب المسيح الدجال ، ولها يومئذ سبعة أبواب على كل باب ملكان ) رواه البخاري .
ويخرج للدجال حين نزوله قرب المدينة رجل من مؤمنيها ، ليبطل دعواه ويظهر دجله وكذبه ، فعن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - :
(( يأتي الدجال وهو محرّم عليه أن يدخل نقاب المدينة ، فينزل بعض السباخ التي تلي المدينة ، فيخرج إليه يومئذ رجل وهو خير الناس أو من خيار الناس ، فيقول : أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه ، فيقول : الدجال أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته هل تشكون في الأمر ؟ فيقولون : لا ، فيقتله ثم يحييه ، فيقول : والله ما كنت فيك أشد بصيرة مني اليوم ، فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلّط عليه )) رواه البخاري .
أما منافقو أهل المدينة وكفارها فترجف بهم المدينة فيخرجون إليه ، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
(( يجيء الدجال حتى ينزل في ناحية المدينة ، ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات فيخرج إليه كل كافر ومنافق )) متفق عليه .
ومما يَحرُم على الدجال دخوله أيضاً المسجد الأقصى ومسجد الطور، لقوله عليه الصلاة والسلام: (( لا يقرب - يقصد الدجال - أربعة مساجد مسجد الحرام ، ومسجد المدينة ، ومسجد الطور، ومسجد الأقصى )) .
ما هي خوارق الاعور الدجال ؟
بالرغم من شدة فتنة الاعور الدجال لكن من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من فتنة الدجال .
و في حديث من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف ، عصم من فتنة الدجال .
تكمن فتنة الدجال لا في شكله ولا في لفظه ، وإنما فيما يجري على يديه من خوارق وعجائب تفتن الناس وتدفعهم إلى تصديقه واتباعه ، فمن عجائبه وخوارقه أن معه ماءً وناراً يخيل للناس أن ماءه يروي ، وناره تحرق ، بينما الأمر في حقيقته على خلاف ذلك ، فماؤه نار، وناره ماء بارد ، فعن حذيفة عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال في الدجال : ( إن معه ماءً وناراً فناره ماء بارد ، وماؤه نار ) رواه البخاري .
وعن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : ( لأنا أعلم بما مع الدجال منه ، معه نهران يجريان أحدهما - رأي العين - ماء أبيض، والآخر - رأي العين - نار تأجج ، فإما أَدْرَكَنَّ أحدٌ فليأت النهر الذي يراه ناراً وليغمض ثم ليطأطىء رأسه فيشرب منه فإنه ماء بارد ) رواه مسلم .
ومن خوارقه وعجائبه أن معه جبالاً من الخبز، وأنه يأمر السماء أن تمطر فتمطر، والأرض أن تنبت فتنبت ، ويأمر الأرض أن تخرج كنوزها فتخرج ، فقد ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه: ( يسير معه جبال الخبز، وانهار الماء ) رواه أحمد .
وعن النواس بن سمعان - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر من فتنة الدجال أنه: (( يأتي القوم فيدعوهم فيكذبونه ويردون عليه قوله ، فينصرف عنهم فتتبعه أموالهم ، ويصبحون ليس بأيديهم شيء ، ثم يأتي القوم فيدعوهم فيستجيبون له ويصدقونه ، فيأمر السماء أن تمطر فتمطر، ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت ، فتروح عليهم سارحتهم - ماشيتهم - كأطول ما كانت ذُرَاً – جمع ذروة وهي أعالي الأسنمة - وأمده خواصر، وأدره ضروعاً ، ثم يأتي الخرِبة – الأرض الخربة - فيقول لها: أخرجي كنوزك – مدفونك من المعادن - فينصرف منها فيتبعه كيعاسيب النحل – أي كما يتبع النحل اليعسوب، وهو أمير النحل- ، ثم يدعو رجلاً شاباً ممتلئاً شباباً فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين – قطعتين -، ثم يدعوه فيقبل يتهلل وجهه يضحك )) رواه مسلم .
ولا شك أنها فتنة عظيمة يسقط في حبائلها كل من لم يتبصّر أمر الدجال وشأنه ، أما من قرأ أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وآمن بها فهو أشد ثباتاً ، وشأن الدجال عنده سيكون أجلى من الشمس في رابعة النهار
و من تخفيف الله على عباده أن قصّر مدة بقاء الاعور الدجال ، فهو لا يبقى إلا مدة يسيرة ، جاء في الحديث (( أنه يمكث في الأرض أربعين صباحاً )) .
فالحديث دليل على سرعة انقضاء زمن الدجال وسرعة اضمحلال فتنته فما على المسلم إلا أن يصبر فما هو إلا وقت قصير وينقضي ، وهذا من رحمة الله بعباده ، إذ لو طالت مدة الدجال لدخل العنت والمشقة على العباد .
نهاية الأعور الدجال
تكون نهاية الدجال وهلاكه على يد سيدنا عيسى ( عليه السلام ) ، وهذا من رحمة الله عز وجل وعظيم حكمته أن جعل نزول عيسى ( عليه السلام ) متزامناً مع خروج الاعور الدجال حتى يكون المسيح عيسى ابن مريم ( عليه السلام ) قدوة للمؤمنين ومثبتاً لهم ، وحتى يدحض بآيات الهدى شبهات الأعور الدجال ، فيسلط الله المسيحَ ( عليه السلام ) على الاعور الدجال فيطارده حتى يدركه ب "باب لد " ( جبل ببلاد الشام ) ، فيقتله هناك ، ويخلّص الناس من شره ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال: ( ينزل عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم .. فإذا رآه عدو الله – أي الدجال - ذاب كما يذوب الملح في الماء ، فلو تركه لانذاب حتى يهلك ، ولكن يقتله الله بيده فيريهم دمه في حربته ) رواه مسلم .
وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( ثم ينزل عيسى بن مريم عند المنارة البيضاء شرقي دمشق فيدركه – أي يدرك الدجال - عند باب لد فيقتله ) رواه أبو داود .
فأثناء ما ينتهي قتال المهدي للروم الغادرون بعد الحرب العظيمة و انتصاره عليهم يصل الأعور الدجال و من معه من اليهود الى ( باب لد ) و هنالك ينزل عيسى ابن مريم ( عليه السلام ) لتكون نهاية الأعور الدجال على يديه .
و يحدث ذلك بعد انتصار المسلمين على الروم في الملحمة الكبرى ، يقول رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) :
(( إذ سمعوا ببأس هو أكبر من ذلك فجاءهم الصريخ إن الدجال قد خلفهم في ذراريهم فيرفضون ما في أيديهم ويقبلون فيبعثون عشرة فوارس طليعة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إني لأعرف أسماءهم وأسماء آبائهم وألوان خيولهم هم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ أو من خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ ))
وبعد هلاك الدجال وما يعقبه من هلاك يأجوج ومأجوج يشيع الأمن في الأرض ، ويعيش الناس في رخاء من العيش ، وسلامة من الفتن .
فعن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( الأنبياء إخوة لعلات وأمهاتهم شتى ، وأنا أولى الناس بعيسى بن مريم ، وإنه نازل فاعرفوه فإنه رجل ينزع إلى الحمرة والبياض كأن رأسه يقطر، وإن لم يصبه بلة ، و إنه يدق الصليب ، و يقتل الخنزير، و يفيض المال ، و يضع الجزية ، و إن الله يهلك في زمانه الملل كلها غير الإسلام ، ويهلك الله المسيح الضال الأعور الكذاب ، ويلقي الله الأمنة حتى يرعى الأسد مع الإبل ، والنمر مع البقر، والذئاب مع الغنم ، ويلعب الصبيان مع الحيات لا يضر بعضهم بعضاً ) رواه الطيالسي وابن حبان .
هذا هو الدجال - لعنه الله - جعله الله فتنة لعباده ، ليختبر صدق إيمانهم وقوة يقينهم ، وتمسكهم بدينهم ، وهي فتنة لن ينجو منها إلا من اعتصم بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
ويكون نزول عيسى ابن مريم ( عليه السلام ) مسيح الهدى في أيام المسيح الدجال مسيح الضلالة على المنارة الشرقية بدمشق ، فيجتمع عليه المؤمنون ، ويلتفت معه عباد الله المتقون ، فيسير بهم قاصداً نحو الاعور الدجال ، وقد توجه نحو بيت المقدس ، فيدركه ، فينهزم منه الأعور الدجال ، فيلحقه عند باب مدينة لد فيقتله بحربته ، وهو داخل إليها ، ويقول له : إن لي فيك ضربة لن تفوتني . وإذا واجهه الأعور الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء ، فيدركه عند باب لد ، فتكون وفاته هنالك ، لعنه الله .
سوق بسماية 17/8/2023